باب خير

سمر نديم... الإعلامية التي أنقذت المهمشين وجعلتهم أبطال الحكاية

سمر نديم
سمر نديم

تميزت الإعلامية سمر نديم بحضورها اللافت وخفة ظلها ومشاعرها الفياضة، إلى جانب شخصيتها القوية وإصرارها الكبير وتمسكها الراسخ بالعمل الخيري، ما جعلها نموذجًا فريدًا في الإعلام المجتمعي والعمل الإنساني.

ظهرت سمر كثيرًا على شاشات القنوات الفضائية وهي تتحدث بإخلاص عن دار زهرة مصر، دار الإيواء التي تبنتها وسخرت جهودها لإعادة الحياة لضحايا التشرد والإهمال. وبرغم أنها إعلامية صاحبة تجربة في قناة الصحة والجمال من خلال برنامجها “زهرة مصر”، لم تركز يومًا على مشوارها الإعلامي، بل فضّلت أن تضيء قصص الآخرين، وتكون جسراً لنقلهم من التهميش إلى الضوء.

فاجأت الجميع بظهورها المميز على مواقع التواصل الاجتماعي، ليس فقط بأدائها وكلامها المؤثر، بل بثقتها الكبيرة بنفسها، وقدرتها على لمس القلوب والضمائر بكلمات بسيطة ولكن صادقة. أحبتها الجماهير، وأصبحت منصاتها الإلكترونية مرآةً لنجاحها وتأثيرها الحقيقي، حيث أثبتت أن الإنسان "المهمّش" قادر على أن يكون بطل الحكاية، إذا وُجد من يحتويه.

سمر لم تُجمّل الواقع، بل نقلته كما هو. تحدثت عن أن المشرد غالبًا ما يدرك داخليًا أنه مختلف، لكنه لا يملك وحده تغيير حياته، خصوصًا في ظل الظروف القاسية التي مر بها.

وهنا جاء دورها؛ ربنا اصطفاها " كما تقول " لتقود هذا العمل وتكون سببًا في تغيير مصير أشخاص عادوا للحياة بفضلها.

ومن أبرز ما يُحسب لها، أنها لم تكن يومًا سطحية أو عابرة في تعاملها مع الحالات الإنسانية. لم تقل "أنا جبتهم يعيشوا في الدار وخلاص"، بل تابعت كل حالة على حدة، بصدق وصبر ومثابرة.
من نسرين، السيدة التي كانت ترفض السلام أو حتى الحوار مع أحد، إلى سيدة مرحة تستقبل الناس وتبادلهم الحديث، فقط لأن سمر أعطتها الأمان والاحتواء.
و"ضحى"، التي كانت تعاني من الفصام، هل تخلت عنها سمر؟ لم تفعل. بل أصرت، وألحّت، ووقفت إلى جانبها حتى أصبحت ضحى اليوم من الشخصيات العامة التي تبعث الأمل في قلوب الكثيرين.

هكذا يجب أن يكون الإعلام: ثقة، واحتواء، ونقل للحقيقة كاملة.
سمر لم تخشَ شيئًا سوى الله، ولم تسعَ للشهرة، بل سخّرت ما تملكه من مهارة وجرأة وضمير لنقل الواقع من أول لحظة إنقاذ وحتى استقرار الحالة.

ولأن العطاء لا يعرف حدودًا، فقد استطاعت سمر نديم رغم كونها أمًا لأربعة أطفال أن توازن بين بيتها ورسالتها الإنسانية، حتى أصبحت نموذجًا نادرًا لما يمكن أن تصنعه المرأة المصرية من تغيير حقيقي في المجتمع.

ووراء هذه الصورة الإعلامية الصلبة، تقف إنسانة شديدة الحنان، كريمة لأبعد الحدود، تشارك الجميع في أفراحها، وتكتفي بالعزلة في أحزانها كي لا تحزن أحدًا، تقول دومًا: “الناس ملهاش ذنب”.

وكل من التقاها، لا ينسى طاقتها، بهجتها، وابتسامتها التي تسبق الكلام، فقد أصبحت سمر نديم سيدة العمل الشاق والخيري، وصوت من لا صوت له.