باب خير

ساعات من الوجع والأمل .. سمر نديم تنقذ مشردة في حالة حرجة من شوارع حلوان

الحالة
الحالة

في قلب الظلام، ووسط الجروح والخذلان، تضيء مواقف إنسانية تنسجها سيدات قررن ألا يقفن مكتوفات الأيدي أمام الألم.

هكذا بدأت القصة... استغاثات متعددة وصلت إلى صفحة "زهرة مصر"، المعنية برعاية كبار السن والمشردين، تفيد بوجود سيدة مشردة وسط الشارع في عين حلوان، تعاني من حروق شديدة من الدرجة الثالثة، تصرخ من الألم دون مغيث.

وما إن علمت الدكتورة سمر نديم، مؤسسة دار "زهرة مصر" لرعاية الكبار بلا مأوى، حتى تركت كل شيء خلفها، طفلها الرضيع، أولادها الذين كانوا ينتظرون نزهة معها بعد غياب، ولم تتردد لحظة في التوجه إلى مكان الحادث.

من قسم الشرطة إلى دار الرعاية

بمجرد وصول سمر نديم لمكان الحالة، علمت أن قسم شرطة حلوان تدخل وقام بنقل السيدة إلى مستشفى القصر العيني التعليمي، لكن الصدمة كانت حين تم رفض استقبالها بحجة ضرورة العرض على العيادات.

لم تعتبر سمر أن مهمتها انتهت، بل على العكس، توجّهت مباشرة إلى قسم الشرطة، وهناك وجدت تعاوناً مشرفاً من رجال الداخلية، بداية من المأمور محمد نهاد وحتى الملازم أول محمد بدوي هاشم، الذي أظهر إنسانية شديدة واستقبل سمر بحفاوة، وساعد في إنهاء إجراءات تسليم الحالة إلى دار "زهرة مصر".

دموع في مواجهة الجحود

انهارت سمر نديم من شدة المشهد... جسد محترق، روح مهشمة، ولا أحد يتحرك.

تنقلت طوال الليل بالحالة من مشفى إلى أخرى، مستشفيات عامة رفضت دخولها، ومستشفيات خاصة طلبت أوراق إثبات هوية لا تملكها هذه السيدة المشردة. وبالرغم من استعداد سمر لتحمل التكاليف، إلا أن أبواب الرحمة كانت موصدة في أغلب الأماكن.

وأخيرًا، وصلت إلى مستشفى أهل مصر للحروق، التي رفضت في البداية استقبال الحالة لعدم وجود بطاقة شخصية، لكنها أمام الحالة الحرجة وآلامها، استجابت وبدأت في تقديم الإسعافات الأولية، حتى وصول الطاقم الطبي صباحًا.

شكراً لقلوب ما زالت تنبض بالرحمة

وفي لفتة تقدير إنسانية، وجهت سمر نديم رسالة شكر خاصة إلى هيئة الإسعاف، وقالت:
"شكراً من كل قلبي لهيئة الإسعاف، وبالأخص رجال سيارة الإسعاف اللي فضلوا معايا من أول لحظة ولحد ما استقبلت المستشفى الحالة. الناس دي جواها قلب رحيم، ورغم إن وقفتهم كانت فيها مخاطرة عليهم من الشغل، اختاروا الخير وسندوني. شكراً ليكم من القلب."

ليلة كاملة من الانتظار... من أجل روح

منذ اللحظة الأولى حتى صباح اليوم التالي، لم تبرح سمر نديم المستشفى، رغم أن فريقها كان معها وكان بإمكانها العودة إلى طفلها، لكنها اختارت أن تبقى إلى جوار سيدة لم يكن لها إلا الله.

وفي التاسعة صباحًا، تمكنت من إنهاء الإجراءات ودخول الحالة للعلاج، بعد ساعات طويلة من الانتظار، الدموع، والوجع، ولكن أيضًا... الأمل.

رسالة إنسانية من قلب المعاناة

تقول سمر نديم:
"إيد على إيد بتساعد... الخير جوانا كلنا، بس لازم حد يبدأ".

وهكذا اختتمت سمر يوماً امتد من المساء حتى صباح اليوم التالي، ليس كـ"ليست إعلامية أو كاتبة"، بل كإنسانة، أم، وامرأة مصرية أصيلة قررت أن لا تترك أحدًا خلفها في الشارع يتألم دون كرامة أو رعاية.